الأربعاء، 19 يناير 2011

ح أولع في نفسي






السلام عليكم... بعد غياب كبير قوي مش فاكر مدته كام رجعت أكتب تاني للمدونة بتاعتي, خاصة إن فيه أحداث كتيرة قوي مرت وما تحدثت عنها, ولأول مرة ح أخلع نفسي من اللغة العربية الفصحى بعد إثبات أن الناس اللي بتقرأ مدونتي ما لهم في الفصحى...

وطبعاً, أنا من ضمن الشعوب اللي فرحت بثالورة التونسية العريقة التي سأتذكرها و سأقصها على أبنائي و أحفادي (اللهم إن كان في زمن مبارك و ابنه جواز) , خاصة إن الثورة دي قامت بحرق الشاب ( محمد بو عزيزي) نفسه احتجاجاً على ما يقوم به النظام التونسي من حرب على الإسلام و تضييق الخناق على شعبه, ويكأن (واخد من بالك من ويكأن دي) الشعب مخلوق خدام عنده...

المهم, الناس كلها تركت الثورة, و ركزت على حرق الجسد.. و الكل دلوقتي بيسبق الأحداث, أي حد عاوز حاجة وما تمتش يقوم حارق نفسه, يعني لو واحد ما خدش حوافو بقالها عشر سنين يحرق نفسه احتجاج , لو واحد ملحقش القطر يحرق نفسه احتجاج, لو الواد مخدش مصروف المدرسة يحرق نفسه احتجاج, ويكأن (واخد بالك برضه) الناس كلها ماشية بماركة (اللي يحب النبي .. يولع)..

اليوم قريت على قناة الجزيرة و الحوار إن اليوم اكتمل نصاب عدد (المولعين) في نفسهم خمسة أفراد, منهم اتنين توفاهم الله, و مش عارف هما ليه الناس دي حرقت نفسها؟!!

أكــيد طبعاً اليأس و الإحباط اللي رئيسنا مغرقنا بجمايله فيهم, و القطنة ما بتكدبش.. لكن دا ليس دافع أساسي للإنتحار.. لو كان الأمر بالطريقة دي, لكنت أول (المولعين)... لكن الأمور لا تجري بهذه المقادير..

الشعب المصري بيخاطب كاريزما محترمة اسمها (الأمن المركزي), و الجماعة دولا طوروا نفسهم بحيث إنهم قادرين على مواجهة أي غزو فضائي, فما بالك بشوية صراصير عندها سرطان و فشل كلوي, لو الشعب كله خرج وولع في نفسه مش راح يأثر في النوعية دي, اللي هي مش ح تقتل ستين نفر زي تونس.. لالالا, يمكن تقتل ستين ألف...

لكن أتمنى من شباب 6 أبريل اللي ح ينزل يوم 25 يناير علشان (يولع) نفسه, إنه ما (يولعش) نفسه, وأتمنى إن القيادات السياسية المعارضة تحتضن هذا الشباب لأن فيهم الخير كله...

لو محدش سمع كلامي... أنا ح ( أولع) في نفسي


الجمعة، 1 أكتوبر 2010

تركيا الإسلامية, والحرب المرتقبة مع إسرائيل




اعترفت دراسة عبرية حديثة صادرة عن معهد أبحاث الأمن القومي الصهيوني بانهيار تام للعلاقات الاستراتيجية بين تركيا و"إسرائيل" ووصولها إلى أدنى مستوياتها عقب حادث الاعتداء على أسطول الحرية الذى كان يهدف لكسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة، مشددة على أن هذا الحادث وضع النهاية لمسلسل الحلف الاستراتيجي بين أنقرة وتل أبيب، وأنه كان مجرد نهاية لذوبان جبل الجليد بين البلدين.
وأكد مُعد الدراسة الخبير الاستراتيجي الصهيوني (عوديد عيران) على أن الانهيار السريع للعلاقات الثنائية بين البلدين يشير إلى وجود تغيير عميق فى توجهات السياسة التركية، وقد أسهم فى هذا التغيير عدة عوامل، من بينها الجذور الأيديولوجية ذات الطابع الإسلامي لحزب العدالة والتنمية التركي، والإحباط التركي من إمكانية الانضمام للإتحاد الاوربي، وعدم حدوث تقدم فى المفاوضات فى هذا الشأن، هذه العوامل كانت كفيلة بأن تغير تركيا وجهتها، وتقوم فى المقابل بتعزيز علاقاتها مع جاراتها.
وأشار عيران إلى أن هذا التغير التركي، تحدث عنه وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو فى كتابه "العمق الاستراتيجي"، وآخرون من كبار المسئولين والمفكرين الأتراك، على الرغم من استبعادهم لإمكانية العودة للخلافة العثمانية التركية. ومع ذلك يرى معد الدراسة أن التغييرات التى تشهدها الساحة التركية حالياً تحمل بين طياتها بوادر لحدوث اصطدام مستقبلي بين تركيا وكل من "إسرائيل"، والاتحاد الأوربي، والولايات المتحدة الامريكية.





تركيا وتحسين العلاقات مع الجيران



وترى الدراسة العبرية أن التغيير فى السياسة التركية يتجسد بوضوح فى تحسين علاقاتها مع سوريا وإيران، وفى سبيل ذلك وضعت أنقرة كافة خلافاتها معهما جانباً، سواء النزاعات بسبب أزمة مياه محافظة هآطاي، ودعم الأكراد، فقد عززت تركيا علاقاتها بسوريا، ونفذا مناورات عسكرية مشتركة، فى شهر أبريل من العام الماضي، وتبادل رؤساء البلدين الزيارات. وحسب الدراسة فإن هذا التغيير التركي كان بالنسبة لإسرائيل بمثابة فرصة ومشكلة فى آن واحد. فبعد حرب لبنان الثانية، وعندما وافق رئيس الوزراء "الإسرائيلي" فى ذاك الوقت، إيهود أولمرت على استئناف مفاوضات السلام مع سوريا، لعبت تركيا دور الوسيط بين دمشق وتل أبيب، بعد رفض واشنطن القيام بهذا الدور، وهو ما عزز من الموقف الإقليمي لتركيا، وجعلها تشعر بمكانتها كدولة رائدة فى المنطقة.
وتابع الكاتب بأن المفاوضات السورية - "الإسرائيلية" التي كانت تتم تحت الرعاية التركية توقفت مع قيام "إسرائيل" بشن عدوانها على قطاع غزة، وظلت الاتصالات متوقفة على هذا المسار حتى جاءت حكومة بنيامين نتنياهو وجمدته تماماً. مستبعداً أن يتم استئناف المفاوضات بين الجانبين إلا بمبادرة مشتركة بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث تصر "إسرائيل" على أن تكون واشنطن هى الوسيط بينها وبين سوريا، بينما ترى الأخيرة أن تكون أنقرة هى الوسيط الرئيس.
أما المرحلة الجديدة من العلاقات بين بين تركيا وإيران، فهي مرتبطة أيضا بالنزاع السوري "الإسرائيلي".
فقد أصبح الحوار البناء بين البلدين مصدراً للقلق الكبير بالنسبة لإسرائيل، وللدول الأعضاء فى حلف الناتو.




مخطط صهيوني لتوريط تركيا



وفي محاولة لتقليب الغرب وتحريضه ضد تركيا، زعم معد الدراسة ضلوع تركيا فى تهريب السلاح من إيران لحزب الله فى لبنان، حتى قبل تولي حزب الرفاة مقاليد الحكم في أنقرة، من خلال استخدام مجالها الجوي. وقال: إن "إسرائيل" سعت فى المقابل إلى تذليل كافة العواقب من أجل دعم العلاقات العسكرية بين أنقرة وتل أبيب، وأن الأخيرة غضت الطرف عن تورط تركيا الواضح والعلني فى تهريب السلاح لحزب الله.
وأضاف أن البرنامج النووي الإيراني كان عاملاً مؤثراً فى تدهور العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، وأن ذلك انعكس من خلال اللقاء التليفزيوني الذى أجراه رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، فى 29 مارس 2010 والذي دافع فيه عن إيران، مندداً بالعقوبات المفروضة عليها، ووصفها بأنها بلا نتائج، حيث تم فرضها قبل ذلك، وأن المطلوب حالياً هو الدبلوماسية فقط لحل الأزمة الإيرانية، وتساءل أليس الدول التى تمارس الضغوط على إيران، هى دول نووية فى الأساس؟! .



أردوغان وكراهيته "لإسرئيل"

واعترف معد الدراسة بأن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يعد السياسي التركي الأكبر الذي يوجه انتقادات حادة ضد "إسرائيل"، وأنه لا يمر أسبوع واحد دون أن يدلي بتصريح يدين فيه الممارسات "الإسرائيلية"، وأن السبب فى ذلك هو أيديولوجياته وجذوره الإسلامية العميقة.
كما رصدت الدراسة العبرية الأسباب التى توضح لماذا أظهر أردوغان حقده وكراهيته لـ "إسرائيل"، منها أسباب شخصية تتعلق بزيارة رئيس الوزراء "الإسرائيلي" السابق إيهود أولمرت لأردوغان فى تركيا قبيل تنفيذ العدوان على قطاع غزة بسويعات. وهو ما جعل أردوغان يشعر بالقلق الشديد من إمكانية ان يُتِخذ عنه انطباع بأنه كان يعلم بأمر العدوان قبل تنفيذه. كما كانت تركيا أول دولة تفتح أبوابها أمام قادة حماس فى قطاع غزة عقب فوزهم فى انتخابات يناير 2006، وفى العام نفسه التقى أردوغان خالد مشعل القيادي بالحركة.
وربما كان رد الفعل "الإسرائيلي" الضعيف على هذه اللقاءات - على حد زعم معد الدراسة - حفاظاً منها على العلاقات الاستراتيجية والعسكرية مع تركيا، كان سبباً فى تمادي الأخيرة للعمل ضد "إسرائيل".
 وكان الحال أيضاً مع صمتها على الدور الكبير الذى كان يساهم به أردوغان فى منظمة "صندوق المساعدات الإنسانية" وهى المنظمة المسئولة عن قافلة شريان الحياة لقطاع غزة.
وفى محاولة صهيونية مفضوحة لتشوية صورته زعمت الدراسة العبرية بأنه لا يمكن تفسير رد فعل أردوغان على العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة بأنه كان بسبب غضبه من معاناة إخوانه المسلمين فى غزة، بل بسبب دمج جذوره الأيديولوجية مع الدور الجديد الذي تتطلع تركيا إلى القيام به فى الشرق الأوسط... وإذا ما كان هذا هو الوضع فيمكن لإسرائيل أن تصالح أردوغان بأقل مجهود ممكن، وهو ما ثبتت الأيام عكسه حتى الآن .







الجيش التركي "كلمة السر"

وربط الكاتب "الإسرائيلي" استمرار الأزمة الحالية بين البلدين ومواصلة التعاون العسكري المشترك بينهما بمدى تراجع وضع ومكانة الجيش التركي... مشيراً إلى أن اعتقال عدد من القادة العسكريين الأتراك فى فبراير 2010 - من بينهم قادة كانوا مسئولين عن المناورات المشتركة السابقة بين تركيا و"إسرائيل" - يأتي كجزء من الحملة المستمرة التى تقودها حكومة أردوغان الحالية لوضع حد لدور الجيش، المنوط به الحفاظ على تراث كمال أتاتورك مؤسس الدولة العلمانية التركية.
فيما يرى عدد من المراقبين أن الضغوط التى مارسها أردوغان على الاتحاد الأوروبي للبدء في مفاوضات انضمام بلاده للاتحاد الأوربي، كوسيلة للاستعانة به لإلغاء الدور المركزي والتقليدي للجيش فى الحياة السياسية التركية، وفرض سيطرته الكاملة على السلطات المدنية، تأتي فى إطار سياسة "أقل مشاكل" التي ابتدعها وزير الخارجية أوغلو والتى تهدف إلى تقليص دور الجيش أكثر وأكثر، وتعتمد على تحسين العلاقات مع الجيران الذين توجد معهم مشاكل، مثل أرمينيا، إيران، سوريا وأيضاً مع الأكراد.
وبعد أن كانت المؤسسة العسكرية في تركيا عنصر رئيس في تشجيع التعاون العسكري بين تركيا و"إسرائيل"، ففي ظل المناخ السياسي الحالي فى تركيا، توقعت الدراسة العبرية الصادرة عن مركز أبحاث الأمن القومي الصهيوني بأن يشهد التعاون فى هذا المجال تراجعاً ملحوظاً، وأن الجيش التركي لن يسعى لتعزيز علاقاته العسكرية مع "إسرائيل". مستشهدة بما قاله أردوغان، عندما سُئِل عن الاتفاقيات الموقعة بين بلاده و"إسرائيل"، خاصة فى المجال الأمني، فكان رده أن تلك الاتفاقيات تم توقيعها فى الماضي، ولا زالت سارية المفعول، وأضاف: "صحيح أنه لا يجب أن تؤثر الإجراءات التى نتخذها، لكن قد تقع أحداث تجعلنا نتبنى مواقف أخرى".
كما توقع معد الدراسة عدم استمرار التعاون العسكري والأمني بين تركيا و"اسرائيل" بنفس الشكل الذي كان عليه قبل 2008، على الرغم من الاستقبال الحافل لوزير الدفاع الصهيوني فى أنقرة فى شهر يناير 2010... لكن سلاح الطيران "الإسرائيلي" أدرك مبكراً التغييرات على الموقف التركي، ونقل تدريباته لليونان، كبديل لإسرائيل بدلاً من المجال الجوي التركي.
كما لم يستبعد إمكانية قيام تركيا بصفتها عضو فى حلف الناتو لتقليص تعاون المنظمة مع "إسرائيل".









تركيا وعلاقاتها الخارجية



كما توقع الكاتب الصهيوني تأثر العلاقات بين تركيا و"إسرائيل" بعلاقات تركيا سواء مع الولايات المتحدة الأمريكية أو مع الاتحاد الأوروبي... فتركيا ترى أن انضمامها للاتحاد الأوروبي معناه اتخاذها لقرارات صعبة تتعلق بقضايا داخلية، ومادام أنها لم تنضم له بعد، فهى ليست ملزمة باتخاذ تلك القرارات، منوهاً إلى أنه بالرغم من أن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي قد يضيف صوتًا معارضًا بشدة تجاه "إسرائيل" للدول المعارضة لها داخل الاتحاد الأوروبي، لكن هذا السيناريو سيكون أقل ضرراً – بالنسبة لإسرائيل - من انضمام تركيا لائتلاف يشمل سوريا وإيران ومنظمات أخرى مثل حماس وحزب الله.







البحث عن علاقات بديلة

وفى ختام دراسته دعا الخبير الاستراتيجي عوديد عيران إلى ضرورة إيجاد علاقات بديلة للعلاقات العسكرية بين تركيا و"إسرائيل"، مشيراً إلى العلاقات الاقتصادية، وبخاصة فى مجال الطاقة، لاسيما وأن تركيا أصبحت بسرعة عنصر رئيس في مجال الطاقة، وبالأخص فى مجال الغاز الطبيعي، سواء كدولة مستهلكة أو كمصدرة، لذا ستكون "إسرائيل" مهتمة بالتعاون فى هذا المجال مع تركيا، كما سيكون مجال المياه مجالاً آخر للتعاون بين البلدين.



وأنهى الخبير الصهيوني دراسته بنتائج وتوصيات لتقديمها للحكومة الصهيونية لتعيد تقييم علاقاتها مع أنقرة، أجملها فى النقاط التالية :



- هناك أدلة كافية تبرهن على أن إسرائيل فقدت بالفعل تركيا، تحت قيادة حزب العدالة والتنمية، كشريك استراتيجي.



- تغيير السياسة الخارجية والإقليمية لتركيا سيزيد من حدة التوترات بين البلدين.



- أية تغييرات فى الميزان الاستراتيجي بمنطقة الشرق الأوسط يجب أن تكون عنصراً ثابتًا في الحوار الاستراتيجي بين "إسرائيل" ودول حلف الناتو، لأن مصالح الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية معاً ربما ستتعارض مع التطلعات التركية فى المنطقة.



- يتعين على إسرائيل عدم الانجرار وراء الاستفزازات المعلنة من جانب تركيا، أو عدم رفض أية مبادرات رسمية من جانب الحكومة التركية.... حتى ولو حدث أي رفض يجب أن يكون عبر القنوات الدبلوماسية، وليس على الملأ.



- رئيس الوزراء التركي الحالي أردوغان سوف يسعى لاستغلال أي عمل تقوم به "إسرائيل" من أجل خدمة شعبيته فى الشارع التركي، وليس هناك داع لإسرائيل لكي تقوم بتقديم هذه الخدمة له.



- من المستبعد أن تحدث الانتخابات العامة التركية المقرر لها فى شهر نوفمبر 2010 تغييراً في السياسة التركية وسيطرة حزب العدالة الاجتماعية، وأن أي عمل تقوم به "إسرائيل" لن يكون له تأثير فى نتائج تلك الانتخابات.



- فوز حزب العدالة فى الانتخابات التركية القادمة، قد يحدث تشويشًا في علاقات تركيا بحلفائها التقليديين، وسيؤدي إلى حدوث تغيير واضح فى التوازن الاستراتيجي بالشرق الأوسط. هذا الوضع قد يتطلب وجود ردود إستراتيجية عديدة، من بينها تشكيل تكتل "جنوبي" للدول التى ستشعر بالقلق من تكون محو راديكالي "شمالي" يضم إيران، وتركيا وسوريا.



إجمالاً نؤكد على أن العلاقات الاستراتيجية بين أنقرة وتل أبيب، قد شهدت بالفعل تغيرات جذرية تحول دون عودة تلك العلاقات لسابق عهدها، وبخاصة فى ظل وجود مؤشرات تؤكد على استمرار حزب التنمية والعدالة الإسلامي التركي سيطرته على البرلمان ومواصلة أردوغان العمل فى منصبه كرئيس للوزراء.
لذا فمن غير المستبعد أن يواصل الكيان الصهيوني العمل خلال الفترة القادمة ضد تركيا فى المحافل الدولية كافة وبكل الوسائل المشروعة منها وغير المشروعة، فى محاولة للضغط عليها لإعادة العلاقات الاستراتيجية بينهما كما كانت فى الماضي، لتجنب أية احتمالات لنشوب حرب مستقبلية محتملة بينهما.



د. سامح عباس
مفكرة الإســـلام

الأحد، 12 سبتمبر 2010

باكستان وفلسطين....بين القوة الناعمة, والعقول القاسية





الفيضانات التي ضربت باكستان هي مأساة إنسانية بكل المعايير، ستعاني منها المناطق المتضررة لسنوات مقبلة كي تعيد توطين البشر واستعادة البنية التحتية وإعادة إعمار القري والمدن.
تساءلت عما قدمته مصر فعرفت من الجرائد أننا أرسلنا طائرتين من جهة سيادية في إطار العلاقات الخارجية للدولة.
 نقابة الأطباء بها لجنة للإغاثة نشطت وتحركت بجهود وإمكانات محدودة وبعض الجمعيات الأهلية تلقت إشارات سلبية من وزارة الخارجية أن هناك اعتراضاً من الحكومة الباكستانية علي استقبال جمعيات إغاثة ذات هوية إسلامية..خوفاً من الإرهاب(!)
الجمعيات الإغاثية الأمريكية كانت من أوائل البارزين علي الساحة، في حين تم وضع العراقيل أمام الجمعيات العربية والإسلامية، والتي لم تتحرك بالقوة المطلوبة لأسباب ربما سياسية، وربما تحت أعذار من الصعب قبولها.
بعض الدول العربية علي الجانب الآخر قدمت تبرعات تصل لخمسة ملايين دولار (وهو ما يمكن أن يخرج من جيب رجل أعمال واحد وليس دولة رابضة علي حقول نفط غنية).. ثم أعلنت مؤسسة ساويرس عن دعم نقابة الأطباء وبرنامج الأمم المتحدة للغذاء لإرسال معونات.
لم أفهم موقف الدولة المصرية التي تراجع دورها الخارجي في دوائرها الإسلامية والأفريقية بدرجة مخزية حتي أوقعنا ذلك في مشكلات أخطرها تعثر المفاوضات حول حصة مصر في مياه النيل، ويبدو أن القيادة المصرية لم تعد تبالي إلا بالسفر إلي السواحل الشمالية من المتوسط ولا يهمها التوجه جنوباً أو التوجه شرقاً.
لقد كدنا نفقد الأمل في وجود رجل رشيد في النظام المصري يدافع عن مفهوم القوة الصلبة، لكن ماذا عن القوة الناعمة؟.
الدور الثقافي والتعليمي لمصر تضاءل، والدور الريادي في المجال العربي تآكل، فلماذا نضحي حتي بالدور المعنوي الذي يمكن أن نلعبه في لحظات الأزمات والكوارث وهي فرص متنامية تتيحها أزمات البيئة المتصاعدة في العالم في عصرنا هذا.
فإن قيل إن الدولة إمكاناتها لا تسمح سوي بإرسال طائرتين بمواد إغاثة فلماذا لا تدعم الدولة -وبقوة- الجمعيات الإغاثية المحلية التي يمكنها في أيام قليلة جمع الملايين من الناس الذين أدمت قلوبهم أخبار الكارثة في باكستان، وإذا قيل إن هناك حساسيات سياسية فلماذا لا تقف الدولة - بعزم وإصرار- وراء مشاركة الجمعيات الأهلية ذات الخبرة في هذا المجال والتي رفعت اسم مصر في كوارث سابقة بمشاركات جادة وملموسة؟ من الذي يتولي هذا الملف في النظام المصري وكيف يمكن أن نخاطبه نحن الناس - الشعب - البشر في مصر المحروسة؟.
سألت عن إمكانية مخاطبة جهة «ما» فقيل لي لا تعرضي نفسك للسجن، فالجهات السيادية من هذا النوع محظور مخاطبتها أو حتي ذكرها في الصحافة تصريحاً، فقلت لماذا لا أحاول إذاً... تلميحاً.
لكن السؤال الذي يؤرقني وأنا أقف أصلي صلاة القيام كل ليلة في رمضان وأسجد علي الأرض فأتذكر أن إخواننا في باكستان لا يجدون أرضاً يسجدون عليها بل الماء ثم الماء ثم الماء، السؤال الذي يؤرقني هو من أين تكتسب هذه الجهات السيادية شرعيتها؟ أليس من الناس-الشعب- البشر الذين هم نحن السكان الأصليون لهذه الأرض ؟ الدولة نفسها كيان يستمد سيادته وسلطته من الناس بزعم القدرة علي حمايتهم ورعايتهم وتوفير الحاجات الأساسية والحماية لهم.
هذا كان العقد السياسي والاجتماعي الذي بموجبه نشأت الدولة القومية القطرية الحديثة، فلا هي تمكنت من الحماية ولا الرعاية بل نشطت في الجباية والقمع.
واليوم لا نستطيع أن نضمن حين نخرج من بيوتنا أن نعود، ولا نضمن أننا لو عدنا سنجد الكهرباء، أو الماء، ولا نضمن لو وجدناهما أن نحظي بالأمن في بيوتنا من أن يطرق بابها طارق غير مرغوب فيه تحت مظلة قانون الطوارئ (وقريباً قانون مكافحة الإرهاب ).
ولست أفهم كيف لا يمكن لأي مواطن أياً كانت خلفيته أن يخاطب أي جهة ما في الدولة بمحض كونه مواطناً وبمحض كونها دولته التي تستمد كل شرعيتها من هذا المواطن والذي يليه والذي يليه أي من الشعب..الذي هو مجموع هؤلاء المواطنين.
فإن قيل إن هناك مجالس نيابية فلن أقول إنها غير شرعية في مجملها لأسباب تتعلق بألعاب الحواة التي يمارسها النظام وترزية القوانين، ورحم الله كمال خالد المحامي الوفدي الذي ناضل في أكثر من جولة للطعن في شرعية مجلس الشعب، ولن أتحدث عن تزوير الانتخابات ولا عن مصادرة البدائل أمام الناخب، ولا عن لعبة إعادة توصيف الدوائر الانتخابية، بل سأقول فقط إن أي كيان نيابي لا يحرمني حقي الأصيل كمواطن في التصرف في رأس مالي السياسي والاجتماعي والأخلاقي.
لذا فإنني سأظل أسأل هذه الأسئلة وأسجد لله وأدعو أن يلهم رجلاً ما في وزارة أو كيان سيادي ما قليل من الرشد كي يدرك أن دعم الجمعيات الإغاثية المصرية ودورها في فلسطين وباكستان أو حتي موزمبيق يصب في حماية الأمن القومي المصري بالمعني العميق.... آآآمين.

الأحد، 5 سبتمبر 2010

اسألوا أوروبا عن سر إسلام كاميليا ووفاء قسطنطين..فعندها الخبر اليقين


د.طارق منينة


هل لقصة كاميليا ووفاء قسطنطين وعشرات المسيحيين الذين يعلنون يوميا اسلامهم صلة بقصة الحضارة الاسلامية وهي تقوم بعملها الرئيسي في تحرير الإنسان ، روحه وعقله وواقعه ؟!
لاشك ان للمفاهيم الصحيحة والأخلاق القرآنية عند المسلمين تأثير كبير على كثير من المواطنين المسيحيين في اماكن العمل والجامعات والمُجَاوَرة او مانطلق عليه في مصر " الجيرة" ويزداد حجم هذا التأثير بزيادة فهم الشباب المسلم لمساحة التسامح الإسلامي الذي قرره الإسلام وعايشه النصارى في تاريخ الحضارة الإسلامية العريقة.
كانت الخلافة الاسلامية قد سقطت في بداية القرن الماضي ، وكان الاستعمار الغربي يسيطر على كافة بلاد الاسلام ، وكان علماء الإسلام يحاولون مواجهة هذه الأوضاع المزرية التي مازالت تؤثر على تقدم الإسلام والمسلمين. وقد كانت أمة الإسلام منذ البعثة على قمة العالم في القرون الماضية قاطبة ، بعلمها واخلاقها وسلطانها ورحمتها ، ولم يمض القرن الفائت2009م الا وقد كشف عن ظهور اجيالا اسلامية غالبت الاستعمار وتسلحت بالعلم لكنها مازالت تقاوم الاوضاع التي خلفها الاستعمار وتغالب صنائعها العلمانية والشرقية ، ولايكاد العقد الأول من القرن 21 م يمضي الا وقد ظهر مالم يتوقعه العالم كله فقد تفتق القرن عن ظهور فئة كبيرة جدا من الشباب المسلم الذي له باع طويل في الإطلاع على الكتاب المقدس ونقده
.ساعده على ذلك رغم فقره وحاجته توفر مادة العلم الإسلامي على شبكة الأنترنت والوسائل المعلوماتية الالكترونية الجديدة وهذا ما أقلق الكنيسة وازعجها بصورة كبيرة جدا، وماذا فعلت امبراطورية بولس المسيحية لمواجهة هذا التحدي الكبير ؟ قامت وهي في حالة تململ واضطراب عظيم بترويج اشاعات كاذبة مثل الزعم بأن المسيحيات يخططفن في الطرقات، اكراه الشباب المسيحي على الإسلام، نتعرض لاكراه الأسلمة إلخ
بينما الحقيقة التي تخفيها الكنيسة عن شعبها ويعلمها امراء الكنيسة في الخارج هو أن العقيدة المسيحية تتعرض لنقد علمي ضخم- وعلى درجة عالية من الثقة بالنفس والعدل في الطرح والروح العالية الوثابة المشتعلة بالعلم ، والأخلاق الجميلة الظريفة، ويمثل تلك الصفات جميعا طائفة متنامية من الشباب المسلم صغير السن ..معتدل ومثقف، من كافة بلدان العالم الإسلامي ، خصوصا: الاردن ومصر والسعودية والمغرب ودول الخليج ومن دول افريقية ، فالكنيسة تعاني اليوم أشد المعاناة من نقد هذا الجيل الصاعد، من قدرته على الحوار وجاذبية العرض وهو ماعمل على زلزلة الكنيسة ويقارب من عدة نواح ماحدث للكنيسة الغربية في العصور الوسطى المسلمة والذي أدى إلى اعلان شعوب تابعة لامبراطوريتها، الإنتماء الكلي للإسلام والردة عن كنيسة الاستعباد والبهتان.
يمكن القول ان الحوار والانفتاح على الآخر والثقة بالنفس وروح التسامح هي اهم مفاتيح الشخصية الاسلامية الجديدة وهي غير الشخصية التي ظن الإعلام الغربي انها ستتمكن من الروح الإسلامية واقصد: روح التعصب والتفجير والمغالبة باليد والتنفيس عن الاحتقان بالقتال غير المسؤول كما نشاهده ونسمع خبره في وسائل الإعلام المنتشرة، على العكس من ذلك انشغل شباب أمة الإسلام ، الذين يعيشون في بلاد "المركز" الإسلامي ، بالحوار والفكر ومحاولة اصلاح المجتمع بالاصلاح الداخلي الذي يحتاج الى مزيد فعل وزيادة نشاط في المجتمع وتغيير في ملامح وجوهر الصورة الكريهة التي صنعتها عقود الاستبداد والعشوائية في اقامة المدن والشوارع القذرة التي لم يشهدها عالم الاسلام في قرون عظمته وهي المساحة الزمانية المتطاولة التي تثبت جدارة الاسلام في اقامة مجتمعات نظيفة وجديرة بالحياة والثناء.
ولذلك نقول انه كلما انفتح النقد الإسلامي بصورة علمية عادلة واخلاقية ومتسامحة على الجهل والأفكار الخرافية والدينية المغيبة للوعي الانساني كما حدث أيام الأندلس ، كلما التفت له الشباب الحائر الباحث عن الحق في انسانية لاالتواء فيها ولا استغلال ، ولذلك يحاول ذلك الشباب تقديم نموذج مغاير للنموذج النمطي والسائد ... ذلك ان النقد العلمي العادل المعروض بثقة مع تقديم المثال والنموذج للأخلاق الاسلامية سيؤدي بلا شك الى ازاحة غشاوة الجهل عن كثير من أخيار النصارى وفضلاؤهم، ومن يتحلى منهم بإرادة صلبة وشعور فائض بالحب والتحدي ، والمجازفة الإيجابية في بحر متلاطم من امواج المجتمع الديني السابق ، الذي تهيجه قوى علمانية ورأسمالية داخلية - مع ان الرأسمالية عادة تبحث عن هدوء داخلي!- وقوي خارجية ، زائد الإشاعات المصطنعة والافتراءات المخترعة التي تروجها صحف الاثارة الرخيصة .
ان لنا في نموذج وفاء قسطنطين وكاميليا شحاته دليل على قوة الإرادة وكمال الشخصية وصلابة الموقف الذي بُني على اختيار شخصي قائم على فعل العقل الشريف واشتغال الروح الوثابة وفاعلية الارادة الواثقة ، وارادة الله من دون الناس والانتفاضة الصريحة على الخرافة والضلال المبين. وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم فان الامر هو " خياركم في الجاهلية خياركم في الاسلام اذا فقهوا"
انك لتستطيع ان تتعرف على ذكاء هؤلاء مما فعلته كاميليا شحاته فقد ردت المال -الذي وضعه زوجها في البنك بإسمها- ردته الى زوجها وهي تعلم انه قام بسرقتها من الكنيسة كما قالت لشهود واقعة اسلامها ، كما انها كانت تقاوم طبيعتها كأم حتى تستطيع الخروج من بيت زوجها بدون ان يؤثر عليها مؤثر قد تستخدمه الكنيسة كوسيلة عاطفية من وسائل التأثير عليها ، فكانت طول فترة اسلامها قبل خروجها من بيت زوجها تبتعد رويدا رويدا عن طفلها حتى لاتسبب لها العاطفة المفعمة بالحب تجاه طفلها ، عائقا على اختيارها الصلب مع وضع ثقتها في الله برجوع ابنها اليها والدليل انها لما علمت ان لها الحق في الاحتفاظ بإبنها ارتجف فؤادها واشتعل حبها لطفلها لانها لاتريد فراقه ابدا ولولا انها تعلم ان وسائل التعذيب المعنوي الذي تقوم به الكنيسة ضد المسلمات الجدد تستخدم وسائل غير انسانية للتأثير على قرار واختيار مصيري لما تركت ابنها طرفة عين ، فهذا يدل على مدى حبها لابنها وفي نفس الوقت على بعد خطتها –وصلابة ارادتها- في مقاومة مؤثرات الكنيسة غير العقلية فهي تعلم ان الكنيسة فقدت براهينها ولم يتبق امامها الا وسائل التعذيب النفسي وربما الجسدي ولذلك قالت اذا لم أرجع صلوا علي صلاة الغائب وهذا ايضا يدل على معرفتها بالاسلام بنفس الدرجة التي تعرف بها المسيحية والكنيسة.
وهذا الذي حدث مع وفاء وكاميليا وغيرهما من شباب وشابات هو ماحدث بالضبط مع كثير من المسيحيين الأطهار الأقوياء الارادة والشخصية في الاندلس وبلاد اوروبا والشرق العربي والاسلامي. وقد خلق هذا كله اوضاعا جديدة وشكل جغرافية جديدة وتغيرت خريطة العالم ، كل ذلك بتقديم النموذج الاسلامي في العلم والعمل معا. وقد اعترف كثير من علماء الغرب في التاريخ ان الفتح الاسلامي قدم نماذج باهرة من التسامح لكنهم وان اندهشوا من سرعة هذا الفتح الممتد في الارض كلها ، اندهشوا بصورة اعظم من اسلام الشعوب المسيحية بصورة لم تُسبق في التاريخ البشري كله
. بل رأت أوروبا على ابوابها وشواطئها بل داخلها ايضا ،انها محاصرة بنظام اسلامي عنده النظافة والشوارع المضاءة والرحمة والعلم والعقل والتسامح والجمال في البناء والشخصية والأمانة والرحمة بالخصم والفروسية الراقية حتى في الحرب كما ذكرت زيغريد هونكه في أكثر من كتاب لها وذكر ذلك ايضا غيرها من المؤرخين الأوروبيين.
 تذكر المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه أن: " أتباع الملل الأخرى –وبطبيعة الحال من النصارى واليهود –هم الذين سعوا سعيا لاعتناق الإسلام والأخذ بحضارة الفاتحين ، ولقد ألحوا في ذلك شغفا وافتتانا ، أكثر مما يحب العرب أنفسهم ...لقد كانت الروعة الكامنة في أسلوب الحياة العربية ، والتمدن العربي ، والسمو والمروءة والجمال،وباحتصار : السحر الأصيل الذي تتميز به الحضارة العربية، بغض النظر عن الكرم العربي والتسامح وسماحة النفس- كانت هذه كلها قوة جذب لاتقاوم" (الله ليس كذلك" لزيغريد هونكه ص 42).

 وقال مدير استعلامات حلف الناتو سابقا وسفير المانيا في المغرب العربي سابقا ومدير قسم المعلومات بحلف شمال الاطلنطي وهو مراد هوفمان الألماني في كتابه (الإسلام عام 2000): "لايستطيع العالم المسيحي أن يعترف ببساطة أن الإسلام انتشر لأنه حرر الشعوب التي كابدت الحكم القيصري والبابوي والكسروي، وأن كثيرا من المسيحيين الذين زندقهم مجمع نيقية رحبوا بالإسلام الذي قال عن عيسى ماكانوا يعتقدون، فهو رسول الله وليس ابن الله ، هجر الناس الكنائس أفواجا ودخلوا في الإسلام"(الإسلام عام 2000 لهوفمان ترجمة عادل المعلم، مكتبة الشروق نوفمبر 1995، ص 34)
ايضا يمكن القول ان محاكم التفتيش المسيحية في الغرب لم تجد امامها الا وسائل التعذيب بكل صورها فلو كان عندها حجة واحدة ترجع المسلم عن دينه لاتخذتها سبيلا ولكن..! كان التعذيب والقتل بأبشع الصور هو الوسيلة!
فالكنيسة كانت ترى طوال عهود ازدهار الاسلام في الغرب علما وبرهانا شائعا ومدنا نظيفة ممتدة في بلاد الاسلام مضاءة ومزروعة في كل مكان بالاشجار والازهار وبالمكتبات والعفة، فأي حجة يمكن أن تواجه هذا كله مع انه لاحجة اصلا!؟
ومن المعلوم أن أوروبا عانت أعظم عملية ولادة متعسرة في تاريخها كله ، ولادة كانت تراقبها الكنيسة على مضض حتى انها لمواجهتها كانت تقوم بقتل وحرق وسجن ووأد المواليد الجديدة (علماء او رهبان أو أو فلاسفة) ، ممن اعلن او كاد عن معارضته للكنيسة وعليه ملامح الأب الجديد الذي رباهم وعلمهم وهو الأب الأندلسي المتسامح مع أولاده واولاد الأخرين على السواء!
وكانت راية الحرية الإسلامية تُري من بعيد والعلم –التي حُرمت منه اوروبا قرونا- ينادي من قريب وبعيد : هل من طالب يبحث عن سعادة عقلية وروح انسانية؟!!.... فلبى ندائها الشباب الأوروبي حتى صرخت الكنيسة من ابتعاد شبابها عنها لان الكنيسة لم تكن يوما ابا شرعيا لها ولا أما حانية تريد خير ابناءها
وهذا اسقف قرطبة (الفارو) الذي راح يجأر بشكواه بكلمات مؤثرة تصور بلواه كما عرضتها المستشرقة الألمانية زيغرد هونكه في كتابها المسمى "الله ليس كذلك" ، قال اسقف قرطبة : " أن كثيرين من أبناء ديني يقرؤون أساطير العرب(!) ويتدارسون كتابات المسلمين من الفلاسفة وعلماء الدين ، ليس ليدحضوها وإنما ليتقنوا اللغة العربية ويحسنوا التوسل بها حسب التعبير القويم والذوق السليم. وأين نقع اليوم على النصراني –من غير المتخصصين- الذي يقرأ التفاسير اللاتينية للإنجيل ، بل من ذا الذي يدرس الأناجيل الأربعة ، والأنبياء ورسائل الرسل؟.. واحسرتاه! إن الشباب النصارى جميعهم اليوم ، الذين لمعوا وبذوا أقرانهم بمواهبهم لايعرفون سوى لغة العرب والأدب العربي! إنهم يتعمقون دراسى المراجع العربية باذلين في قراءتها ودراستها كل ماوسعهم من طاقة ، منفقين المبالغ الطائلة في اقتناء الكتب العربية(!) وإنشاء مكتبات خاصة ، ويذيعون جهرا في كل مكان أن ذلك الأدب العربي جدير بالإكبار والإعجاب! ولئن حاول أحد إقناعهم بالإحتجاج بكتب النصارى فإنهم يردون عليه يإستخفاف، ذاكرين أن تلك الكتب لاتحظى باهتمامهم!.. وامصيبتاه! إن النصارى قد نسوا حتى لغتهم الأم ، فلاتكاد اليوم واحدا في الألف يستطيع أن يدبج رسالة بسيطة باللاتينية السليمة ، بينما العكس من ذلك لاتستطيع إحصاء عدد من يحسن منهم العربية ، حتى لقد حذفوه وبذوا في ذلك العرب أنفسهم" إن سحر أسلوب المعيشة العربي قد اجتذب إلى فلكه الصليبيين إبان وقت قصير، كما تؤكد شهادة الفارس الفرنسي "فولشير الشارتي".
هانحن الذين كنا أبناء الغرب قد صرنا شرقيين!، ثم راح يصور أحاسيسه وقد تملكه الإعجاب بالسحر الغريب لذلك العالم العجيب بما يعبق به من عطر وألوان ، تبعث النشوة في الوجدان ، ثم يتساءل بعد ذلك مستنكرا:" أفبعد كل هذا ننقلب إلى الغرب الكئيب؟!، بعد ما أفاء الله علينا وبدل الغرب إلى الشرق".(الله ليس كذلك ص 42-43)
هذا فضلا عن تململ الشباب الأوروبي من الصليب والإله المصروع المزعوم ، والثالوث المركب بمقاطع خيالية متناقضة التركيب والتصوير ، وتغول الكنيسة وكهنتها اللامبالون ، السارقون ، المستعبدون للفلاحين وطوائف الشعب والمشعلون لحروب صليبية داخلية راح ضحيتها الملايين من الشعوب المستعبدة من حلف الكهنة والرهبان والملوك المسيحيين وذلك أدى مع الوقت واشتداد الصراع في الداخل الأوروبي مع الكنيسة بفضل الانفتاح الاسلامي على الغرب الى انسان اوروبي جديد اقرب للاسلام منه للمسيحية ومن لم يسلم فهو إما عدل في عقيدته ورفض مسلمات كنسية مركزية وبقى خارجها ولم يدخل الإسلام أو رسم عقيدة جديدة وهي الفرق المسيحية الصغيرة والكبيرة في الغرب ، وإما آمن بقوة عليا لاصلة لها بالكنيسة والإنجيل وكثير من هؤلاء كانوا تعلموا من علوم المسلمين وصاروا علماء وفلاسفة أو آمن بمباديء العقل الإسلامي وتجريبية العلوم الإسلامية المادية ودراستها للكون ورضي بتوحيد بلادين.
حدث ذلك كله بفضل قوة النقد العلمي الإسلامي الذي سبب " صدمة ثقافية هائلة ومروعة لاوروبا" كما قال المسلم الجديد ، مدير المعلومات بحلف شمالي الأطلنطي سابقا وسفير ألمانيا في المغرب العربي منذ عقود ، وهو مراد فلفريد هوفمان(الألماني) (انظر كتابه الطريق الى مكة، طبعة دار الشروق ص 147).
 لقد تبدلت أفكار كثيرة كانت الكاثوليكية قد رسختها قرونا طوالاً, وخرجت الحركات البروتستانتية المتناسلة كنبات الفطر وغيرها مما كانت تدعى بالتوحيدية والمذاهب الربوبية ، ودخلت علوم المسلمين العقلية والتجريبية (كالفلك والطب والكيمياء والرياضيات ومقارنة الأديان ونقد الكتاب المقدس..إلخ) الأديرة والكنائس ثم الجامعات الناشئة والأكاديميات ، وبنت اوروبا مدنها من جديد على غرار النموذج القرطبي ،ورصفت شوارعها وقامت بتنظيفها على غرار مدن المسلمين النظيفة المضاءة شوارعها ، وترجمت كتب المسلمين وصنعت مكتبات اولا في القصور والمختبرات الجديدة ثم الأديرة والاكاديميات !!
وخرج العلماء المسيحيين الذين تمردوا ، إما علنا أو بنوع من التستر، على العقائد المسيحية الراسخة، وافكارها العلمية الخاطئة عن الكون ، من رحم هذا النقد العقلي ودراساته الشاملة لمناحي الحياة كلها ، فكان هو المحرض الأول ، والمعلم الأول ، والأب الشرعي الجديد –الذي اعترف بفضله اكابر علماء وفلاسفة اوروبا- وكان هو الدافع على النقد والمحرض على العلم والنظر في اسباب الكون، واستخلاص النتائج العلمية من التجربة وهي خاصية انفردت بها الحضارة الإسلامية - واعطيت مجانا للأمم!- في الأندلس وقرطبة وصقلية وغيرها من بلاد أوروبا المسلمة التي كانت تسطر رائعة الجدل العقلي البرهاني الإسلامي الذي أنطلق أصلا من معجزة القرآن الممتدة في كل آياته، معجزة اطلقت الأقلام العلمية والمنهج العملي والتجريبي للنفاذ في أقطار النفس والجسد ، والسماوات والأرض والعقل والضمير البشري. وسنن الكون والتاريخ، والإنسان.
 فاكتشفت علوم فريدة عزيزة لفائدة الانسان في عالم المادة والطبيعة، الأمر الذي انعكس على الأوضاع المادية والروحية للإنسان المسلم فطور من حياته ومدنه ونظرته الى الكون.
وبدأت الشعوب الأوروبية –وقد دخلت شعوب المسيحية الشرقية في الإسلام الا قليلا!-لأول مرة في تاريخ المسيحية في ازاحة القيد الحرفي والمعنوي عن الإنجيل الذي كان يُربط في سلاسل حقيقية في الأديرة وخزائن الكنائس منعا من أن يطلع عليه واحد من أفراد الشعب.
وبدأ تقليد مكتبات قرطبة والأندلس ، المنتشرة في كل حي من احياء قرطبة وغرناطة وصقلية مجانا ، يسري في كافة انحاء اوروبا تباعا على مضض من الكنيسة وفي ظل معارك دامية ، بينما كان العلم الإسلامي المكتوب يضغط بقوة للتحرير الممكن –بقدر الإمكان- ويحظى بمكانة متصاعدة ، كالعربية والشعر، والطب والرياضيات، والفيزياء والفلك، والكيمياء والتاريخ ونقد الكتاب المقدس!
نعم ، اسلمت شعوب كانت خاضعة لسلطان الكنيسة والامبراطورية البيزنطية والرومانية، ومن لم يسلم وصله من نور الإسلام ماقد أصلح الله به بعض أحواله ومنها الأحوال المادية والعلمية والأخلاقية ( وموانع الهداية الكاملة لم تكن اسلامية انما كانت مسيحية بجدارة) واوروبا اليوم تعيش على نتائج هذا العلم الذي وصلها قديما فقلب موازينها رأسا على عقب حتى ان بعض علماء الغرب بكوا لهزيمة المسلمين في فرنسا فقد كانوا يؤدون ان يحرر الاسلام بقية اوروبا ولو حدث لكان للعالم شأن آخر!
هذا الوضع الذي ذكرناه وذلك القلق العظيم الذي ألم بالكنيسة الغربية قديما عاود ظهوره اليوم في الكنيسة الشرقية ، خصوصا المصرية ، (دعونا الآن نتكلم عن الشرق لا الغرب!!) مع أن الكنيسة الغربية كانت تواجه شعوبا تحمل المدنية والنموذج الإسلامي الواقعي الملموس بينما كنيسة اليوم لاتواجه الا العقل الإسلامي الذي بلغ مرحلة متقدمة من علم المقارنة والحوار الخصب. مع خلق اسلامي يعاود ظهوره ويحتاج الى زيادة تأصيل في الحياة المدنية و المدن والشوارع والنظافة التي كنا نفتخر بها في الماضي وهي نتاج اسلامي مبين اما مايوجد اليوم فنتاج اوضاع شائهة تعقدت صورها وتحتاج الى رؤية اعمق للاسلام والتفات لنموذج المدنية الاسلامية الذي بناه اجدادنا وصار مفخرة لنا ولكن من يفتح الطريق للمدنية الحقة من جديد؟
وقد كشف الربع الأخير من القرن العشرين وبداية القرن 21 ، عن ولادة النقد الإسلامي للكتاب المقدس بصورة أعظم مما كان يتوقع!
لقد كانوا ينتظرون مولودا شائها ، عاجزا عن النمو فضلا عن الكلام وتفصيل الخطاب بعد ان حطموا نموذج الرقي الاسلامي وحجبوه عن المسلمين!!
بل بعضهم كان ينتظر جنازة نهاية الإسلام إلى الأبد ظنا منه أنه امكانية بشرية يمكن ازاحتها والقضاء عليها. يقول المسلم الألماني خبير حلف الأطلنتي ومدير المعلومات فيه سابقا، وسفير ألمانيا في المغرب سابقا: " تنبأ الكثير من السياسيين والمستشرقين باختفاء الإسلام تماما، وفي غضون حياتهم! فدرسوا الإسلام كحضارة على وشك الإندثار ، عليهم أن يسجلوها لأجيال المستقبل" (الإسلام عام 2000 لمراد هوفمان، مكتبة الشروق، ترجمة عادل المعلم، ص 16)
واذا بهم يجدون أجيالا خبيرة لا بالقرآن وسيرة وسنة نبيه فقط –خصوصا في العشر سنوات الماضية!- وانما ايضا جيلا خبيرا بالعقائد والفلسفات والكتب المحرفة والملفقة التي تنتسب أصولها للأنبياء.
ساعد على ظهور هذه الأجيال الجديدة ، وسائل الإعلام الألكترونية وعصر المعلومات. ونقص معدلات الأمية في بلاد الاسلام والتعليم المجاني واسقاط الاستعمار و بعض مارتبط به ويبقى البعض مازال موجودا!، وكان الفضل الاكبر – بعد فضل الله وقدره ورعايته-للنشاط الدعوي على مدار القرن الماضي كله!
كان البعض قد تصور ان الكنيسة الأرثوذكية المصرية بمنأي عن أي تأثير لهذا النقد الجديد بل كانت الكنيسة تظن انها قادرة على تنصير المسلمين ولايخفي عليكم برنامج خطة التنصير الذي كان الشيخ محمد الغزالي قد ضمه كتابه" قذائف الحق" وهو يقوم بنقد علمي عالى المرتبة ، ألحقه بكتاب آخر وهو " صيحة تحذير من دعاة التنصير" مااضج وقتها مضجع الكنيسة ، بيد أنها ظنت أنها عملية نقدية تنتهي بظرفها التاريخي وزمنها المحدود، لكن الذي حدث بعد ذلك كان شيئا آخر ، وبظهور رائعة الشيخ احمد ديدات في مراغمة المسيحيين علنا في ربوع الأرض كلها ، كان الزمن المسيحي يتراجع امام هذا الكم الزاخر من المناظرات العلنية وجر المناظرين المسيحيين الى ساحة المناقشة العلنية كما تم على الجبهة الآخرى نفس الشيء مع المناظرين العلمانيين! ثم ظهرت كتب قساوسة اسلموا وكتب اللواء المهندس احمد عبد الوهاب ثم اخيرا الدكتور زغلول النجار وغيره من علماء المسلمين الكبار.
وهنا تزلزلت الكنيسة وتهدمت معنوياتها لا في التقدم في مجال التنصير ولكن، كما حدث في الغرب تماما!، تزلزلت الكنيسة ولم تستطع الحفاظ على شعب الكنيسة من الذوبان في الاسلام الذي كان قد قبل التحدي المعرفي كما كان في عز الاسلام فقدم نماذج نقدية علمية علنية، مصورة ومسجلة، تفخر بها الأمة اليوم،وهي التي صارت مثالا حيا ووسيلة ايضاح لهذا الجيل الحديث الذي كثرت رجالاته بصورة تغيط الكنيسة العالمية فهي زرع كريم مدحه القرآن والإنجيل والتوراة.
وفي السنوات الأخيرة حصل مالايحمد عقباه للكنيسة ولا أقول ان ذلك الذي لايحمد عقباه كنسيا هو ، فقط ، اقبال كثير من الشباب والشابات المسيحيات على الإسلام حبا وقناعة ولكن ، وهذا هو ماجعل الكنيسة تفقد صوابها ، كان: اسلام زوجات الكهنة والقساوسة وشباب من عائلات يوجد فيها واحد أو أكثر من رجالات الكنيسة الكبار!
قد لايرى النظام المصري هذا التطور المتنامي "العريق" و"المستأنف" ومناخه المعلوماتي الكبير مع ظهور صور المعلومات العصرية، ولذلك قد نرى منه اضطرابا في التعامل مع بعض الحالات الصعبة مثل اسلام زوجات القساوسة ، فيضرب كعادته، بيد من حديد على من له ارتباط باسلام هؤلاء المسلمات زوجات القساوسة، ظنا منه انه بهذه الطريقة يمكن كف الفتنة الطائفية بل وكما يظهر فانه اصابه الفزع من (الفزاعة الغربية التي ورثت الكنيسة!) التي ترفعها امريكا الحرة(!) (البروتستانتية الخلفية!، العلمانية الفكرة) لسبب اتخاذ امرأة مسيحية لها موقع خطير في العائلة المقدسة المسيحية ، الإسلام دينا ، وبكامل حريتها ، الحرية التي يطالب الغرب نفسه بها بتوطينها في بلاد الإسلام وكأن الإسلام لايعرف حرية للإنسان عموما والمرأة خصوصا.
إن المطالبة بإكراه المسيحية على العودة إلى دينها ، من المجتمع المدعو حرا ، واقامة محاكم تفتيش مسيحية وعلمانية يكشف عن فضيحة اوروبية وغربية جديدة!
وهذا الارتباك الغربي في التعامل مع القضايا الكبرى، خصوصا فيما يخص الإسلام والمسلمين، يدل دلالة واضحة على أن طريقة ازدواج المعايير والتعامل بها في الغرب هي ثابتة من ثوابت الفكر الغربي السياسي والفلسفي الحديث!
وهو مثال سيء يجعل الشعوب تنفر منه وتقاومه وتعرف مرتكزاته ومركزيته العنصرية التي لاتسعى لتحرير الشعوب كما تتشدق فلسفاتها وقياداتها.
والشيء المثير للتأمل أن الإندهاش التاريخي المتواتر لأهل الفكر والعلم الغربي من سرعة انتشار الإٍسلام واقبال الشعوب عليه بعد الفتح الاسلامي ، لايفتح التحليل التاريخي لأولئك الغربيون على مفاتيح الهداية في النموذج الإسلامي ، وسر مفاتيح المقاومة للشعوب المقهورة في النموذج الغربي!
إن نموذج كاميليا شحاته ووفاء قسطنطين وغيرهن سيتكرر بصورة اكثر تراجيدية للكنيسة المسيحية كما حدث في الغرب تماما ، ولابد من اتخاذ اجراءات اكثر حذاقة من النظام المصري لحماية هؤلاء المسلمات ، اما الأخذ بيد من حديد على يد المسلمات الجدد فهو مقاومة فاشلة لحركة التاريخ واصحابه يضعون انفسهم أمام الحتمية التاريخية التي وعد بها القرآن ونشاهد آثارها القوية في هذه السنوات الأولى من القرن ال21 ميلادية!
وحل هذه المعضلة في ظل الاوضاع العالمية الشائكة وموقع المسلمين الضعيف في العالم يجب ان يأخذ منحى اكثر ذكاء ويحافظ على ماء الوجه ويحافظ على المسلمات ويثبت للعالم اننا لانكره احدا على الاسلام.
فما لم تقف الحكومات المصرية المتعاقبة مع العدل والمصارحة وحرية الإختيار ورفض الإكراه ، والخروج من حالة الاضطراب البادية على المؤسسة الامنية في التعامل مع هذه الحالات الايمانية المتتابعة بصورة مدهشة وراقية ومالم تقوم هذه المؤسسة الامنية-التي قد يكون فيها اناس خيرون - مالم تقم هذه المؤسسة بوضع الصورة الصحيحة لإسلام الشباب المسيحي في مصر أمام العالم بالصوت والصورة والمباشرة والمصارحة وفي تواجد قس وشيخ –مثلا ويمكن التفكير في طرق اخرى- ووسطهم المسلم الجديد (اثناء اعلان اختياره الجديد) أو (العودة الى القديم!) فستظل الرؤية شائهة –وسيتحمل الأمن نفسه نتائجها-وسيظل الحنق وتصاعد الفتنة الطائفية في اشتعال متزايد وستكون الشائعات في هذا الجو الغائم هي المسيطرة ، يغذيها الحقد من كل ناحية في الداخل والخارج وسوف لن يفهم الغرب طبيعة القضية او سيبدو (ظاهريا!) وكأنه لايفهم "المسألة المصرية" في عصر الحوار والمعلومات! -وهو العارف ببواطن الأمور !- وسيقف بجانب الأعلى صوتا اعلاميا حتى ولو كان ظالما ومتعديا ومانعا للحريات التي يطالب بها الغرب نفسه!

أما نصائحي للجانب المسلم الذي يعلم الجميع انه غير معصوم وهي نصائح من خبرة سنوات في الإطلاع والاستماع المباشر لكافة غرف الحوار ويوميا على برنامج الحوار المسمى البالتوك-فليس عندنا سلطة مقدسة فضلا عن سلطة شباب في بعضه عدم خبرة, لكن اغلبه عنده رحمة وعدل وعلم ويتسم بالصبر والأخلاق الحميدة والجودة في الطرح فاني اقدمها كالتالي:

- تنحية كل –او عدم التعامل مع-من يشتم النصارى ببذاءة او يهين المسيح او يسوع المسيح ، فمثل هؤلاء-خصوصا في غرف الحوار- أذية للإسلام والمسلمين بل والنصارى بغير داع! ويجب الإقتصار على الرد على صورة مايدعونه بالرب يسوع او المصلوب المؤله او عقائد المسيحية المنحرفة ففي هذا كفاية وزيادة بدون تعدي تكون مفاسده اكبر من مصالحه، والا وقعنا لافي مخالفة صريحة لروح الإسلام فقط وإنما في مخالفة قواعد الحوار مع النصارى، مع العلم أن اغلب صوره مع النصارى ، خصوصا في كثير من غرف برنامج البالتوك المشهور معتدلة وملتزمة بالحوار المثمر الجيد وكثير من الضيوف النصارى يمدحون تعامل هذه الغرف معهم ، ولاأكون عادلا ان قلت انه ليس عند النصارى غرف معتدلة في الحوار ولكنها قلة واغلبيتها هي كما يسميها الشباب الذين يدخلون برنامج البالتوك "غرف المراحيض" نظرا لمافيها من شتائم وهجاء بذيء وتعدي يفوق الوصف.

-هناك نماذح محترمة يجب اتخاذها نموذج لنا في الحوار المؤدب الناجح المحترم للمحاور الآخر من النصارى أو غيرهم ويتقدم هذا الصف الرائع : الدكتور منقذ السقار،الشيخ الذغبي، الشيخ أبو عبد الرحمن، الدكتور حسام ابو الخير، معاذ ، ميمو ، التاعب..الخ

-اقامة حوار بين الفريقين اهل الاسلام واهل المسيحية للإتفاق على نقاط مشتركة في مسألى اسلام مسيحي او ردة مسلم مع ان اغلب المشاكل تأتي من الجانب المسيحي بل لم تظهر مشكلة واحدة من ردة مسلم.

-وقف الإتصال بالقساوسة كما يفعل البعض أو تصحيح الأخطاء في طريقة او توقيت وكيفية الاتصال من استخدام لغة أشد تهذيبا وعدم الإتصال بهم في بيوتهم وعدم التهكم المعيق للتقدم ، وترك فرصة كبيرة للقساوسة للتعبير عن عقيدتهم فبيان عقيدة القسيس هو من الأهمية كبيان عقيدتنا سواء ,هذا كله يحتاج لنفوس كبيرة وارجو ان يكون اصحاب هذا النوع من الحوار على مستوى المسؤولية –وهم على مستوى عال جدا من الخبرة النقدية- فللبيوت حرمة وهناك مساحة مباحة من الإتصال بهم في مكان خدمتهم أو عملهم فهذا لاأظن ان عليه غبار,فان لم يوجد فالكف عن هذا النشاط اولي واتخاذ صور اكثر نفعا واقل ضررا هو الاولى.

-على المسلمين ان ينفضوا عن أنفسهم سذاجة التعامل مع الأمن. ومثال الأخ أبو يحيى يدل على أن الثقة المفرطة في التعامل مع الأمن يعتبر خلل قد يضيع حقوق المسلمات الجدد، وأسأل الله أن يتقبل عمل اخي ابو يحيي فقد تحمل مالايتحمله انسان وفي ظروف صعبة وقاهرة وكان الرجل وحده والملايين نيام!، فالمسلم ليس خبئ ولايخدعه الخبئ. ويمكن لتفادي الإمساك بالأخت الحرة التي جاءت للإسلام بكامل حريتها ، ان تبدل السيارة التي تستقلها بسيارة ثم بأخرى اثناء الطريق بل ويُسلك طريق آخر غير متوقع لتفادي اخذها وتسليمها للكنيسة فتسليمها للكنيسة مخالف للقانون المصري فليس في قولنا هذا تلاعب بالقانون اذن!

وفي نهاية مقالنا لايسعني الا ان اذكر قصيدة حامد العلي في كاميليا شحاته:

سلامِي على بنْتِ الكَنانـةِ وافِيـا ** فبلـّغ سِلامِي بالدّموعِ كَمِيلِيـَا
أتعجبُ من دمعي ؟!فلستَ بعـالمٍ ** بما حـلَّ في أرضِ الكنانـةِ بادِيا
تعلَّمْ ، لقد جلَّ المصـاب بأخِتنـا ** وفجَّـرَ منها الدمـعَ بالخدِّ جاريا
تئنُّ من الخذلانِ أنـَّةَ مُثقـــلٍ ** بكـلِّ تباريحٍ تُشيبُ النواصيـا
أأُسْلمُ والإسلامُ يحمــي نساءَهُ ** فأُتركُ تحتَ الديرِ ألْقى الدواهيـا؟!
يعذّبنـي قَسُّ ، وقَسُّ يُذيقـُـني ** من السَّوطِ ضربا مُوجعـاً متواليا
وأُجعلُ في قبـوٍ كأنَّ جـــدارَه ** يدير عيونــاً تحملُ الموتَ ناعيا
يريدان منّي أنْ أعودَ لكفرِهِــم ** وأتْركَ ديــنَ الحقِّ نوراً وصافيا
فقلتُ وقد ألقوْا على الظهرِ سوطَهم ** تبِعْتُ على الإسلام أحمدَ هاديـا
وقلتُ وقدْ بلَّتْ دمائِي وأدمْعـي ** بقيـَّةَ جسْـمٍ يحمل الحزنَ وانيـا*
شهدتُ ولنْ أنفي شهادةَ مسْلمٍ ** لربِّيَ بالتوحيــدِ فرداً وعاليــا
وليسَ له إِبـْنٌ ، وإنَّ مسيحَنـا ** رسولٌ وعبـدُالله ، ليسَ إلاهِيـِـا
يُرادُ إنقـيادي للضَّلال ومادرْوا ** بما ذاقَ مـَـنْ ذاقَ الهدايةَ ما هِـيا
فلمَّا سَلوْا عنّي رفعــتُ تضرُّعي ** وناديــتُ ربّي أستجيشُ فؤاديـا
فما قال أشكو الحاقدينَ من العدى ** ولكنْ من الخذلانِ أصبحتُ شاكيا

ماذ يحدث في كنائس مصر؟!!!



** الخبر**
أحبطت السلطات المصرية محاولة تهريب شحنة متفجرات كانت مخبأة بداخل حاويات على متن سفينة مملوكة لنجل أحد قيادات الكنيسة، مجلوبة من إسرائيل.

** التعليق **
في هذه الأسطر القليلة تلخيص للحالة القبطية في مصر, التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء وغير الحمراء, حتى باتت تضرب في صميم الأمن القومي للبلاد, وكأنها غير معنية بهذا البلد ولا أمنه.
السؤال الأول الذي يطل برأسه من الخبر, عن السبب الذي من أجله يجلب نجل أحد القيادات الكنسية متفجرات, وما هي الأغراض التي يمكن أن تستخدم فيها هذه المتفجرات؟
لا يمكن أن نفصل الإجابة عن هذا السؤال بعموم الحالة القبطية في مصر, وحالة الانتشار غير المسبوق للكنائس التي تشيد على هيئة قلاع عالية محصنة تحصينا شديدا في كافة المدن,خاصة عند مداخلها الرئيسة, إلى جانب الأديرة التي تحتل مساحات شاسعة في أماكن نائية عن العمران.
هذه الكنائس وتلك الأديرة ما زالت ترفض الكنيسة السماح لأيه جهة حكومية أو غير حكومية الاقتراب منها, وتعتبرها "سفارات" ذات حصانة شنودية, أشد حصانة من سفارات الدول الأجنبية ذاتها.

ومن هنا يأتي التساؤل الثاني:هل تستغل هذه الكنائس لتخزين هذه المتفجرات والأسلحة لحاجة في رأس الكنيسة الأرثوذكسية في مصر?

بعض التسريبات الإخبارية لا تجعل الوضع مطمئنا بحال, حينما أكدت أن الأديرة بالفعل تحوي أسلحة حديثة, وقد ظهر شئ منها في معركة الرهبان مع البدو والأعراب في نزاع حول دير أبوفانا, حيث خرج الرهبان بالأسلحة الأتوماتيكية مهددين الأعراب حينها.
المشهد بتفاصيله أفصح عنه تصريح للأنبا ماكس ميشيل المعروف باسم ماكسيموس الأول "راعي كنيسة المقطم" , حينما أكد أن مصر لم تشهد أية أحداث طائفية إلا في عهد شنودة؛ نظرا لتعامله مع هذه الأحداث بشكل تسبب في تأجيج الوضع الطائفي، فكان بسياساته بمثابة الذي يسكب الزيت على النار، فقد كان يحرض الأقباط على الثأر من المسلمين وحمل السلاح، وقد شاهدت إحدى هذه الوقائع بعيني، عندما كنت في الكنيسة وسمعته يطالب مجموعة من المسيحيين برفع راية الاستشهاد وعدم العودة إلى الكنيسة إلا وهم أموات.
هذا جانب من القضية, الجانب الثاني يبرزه سؤال عن علاقات القيادات الكنسية بالخارج, خاصة إسرائيل؟
فنجل هذه القيادة الكنسية أتي بالمتفجرات من إسرائيل, والدعم المالي الضخم للكنيسة يأتي من أقباط المهجر, كما أكد شنودة نفسه عند صرح بأنه لا يتلقى أموالا من الحكومة المصرية.
أي أن العلاقات الخارجية لدولة شنودة كلها تطعن في الأمن القومي لمصر, سواء بجلب السلاح من دولة معادية كإسرائيل, أو بالحصول على الدعم والتمويل المادي من أقباط المهجر ذوي الأجندة السياسية المعادية لمصر في كل الأحوال.
يبدو أننا أمام قمة جبل الثلج فقط, وقاعدته اشد غموضا وخطرا, وسواء علمنا تلك القاعدة أم ظلت مختفية فالشاهد أن شنودة قد وضع الأقباط في حالة عداء مع الدولة المصرية, في لعبة شديدة الخطورة سيكون الأقباط أنفسهم أول من يكتوي بنارها.

الجمعة، 3 سبتمبر 2010

هل هذا يُسمى رئيساً لفلسطين؟!!

في الوقت الذي صافح فيه الرئيس المنتهي الولاية محمود عباس رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" مرتكب جرائم الحرب والعدوان على قطاع غزة بكل حرارة وامتنان، ادان عملية رام الله البطولية التي وقعت مساء امس وتبنتها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس.

وظهر الرئيس المنتهي الولاية طيلة المؤتمر الصحفي المشترك مع اوباما وعبد الله ومبارك ونتنياهو في البيت الابيض بواشنطن، بمظهر الهزيل والغثيان.
ودعا عباس خلال كلمته في المؤتمر الصحفي إلى ما سماه "إنهاء إراقة الدماء لدى الاسرائيليين والفلسطينيين".
و توجه عباس إلى رئيس حكومة الاحتلال بالقول: "السيد نتانياهو، ما حصل في الخليل أدناه إدانة شديدة، وما حصل اليوم برام الله ندينه أيضا".
وأضاف:"لا نريد إطلاقا أن تراق قطرة دم لا من الإسرائيليين ولا من الفلسطينيين، نريد سلاما بينهم وعيشا طبيعيا بينهم، نريد أن نعيش شركاء وجيرانا إلى الأبد" على حد زعمه.
ويأتي موقف عباس الأخير متزامنا مع استمرار الحملة التي تشنها ميليشياه في مدن وقرى الضفة الغربية المحتلة ضد أنصار وكوادر حركة حماس في أعقاب عمليتي الخليل ورام الله البطولتين، والتي أسفرت عن مقتل أربع مغتصبين صهاينة واصابة اثنين اخرين بجروح خطيرة.
وتغيبت الصور الفوتوغرافية التي جمعت عباس ونتياهو وهما يتصافحان ويتناولان العشاء مع بعضهما والتي تنشرها "شبكة فلسطين الآن"، عن المواقع الفتحاوية والوكالة الرسمية التابعة لعباس "وفا".
يذكر ان اجهزة عباس قمعت قبل اسبوع مؤتمراً مناهضاً للمفاوضات المباشرة في قاعة البروتستنت في مدينة رام الله، واعتدت واعتقلت عددا من المشاركين بينهم شخصيات مستقلة ومحاضري جامعات.


























الأربعاء، 1 سبتمبر 2010

السياسة




السياسة هي فن الإدارة التي تجلب رضا الله تعالى ورضا الناس. وبنسبة قيام الحكومات -بما تملك من قوة وقدرة- بالمحافظة على شعبها من الشرور والمفاسد، وصيانته من الظلم تكون بنسبة نجاحها وتوفيقها، وتبشر بمستقبل زاهر, وإلاّ فإن المظاهر الطنانة سرعان ما تزول مخلفة وراءها الفوضى والهرج والمرج، فلا تذكر مثل هذه الحكومات إلاّ باللعنات.
قام الأشخاص الأذكياء والمثقفون والناشطون من السياسيين بإدارة الجماهير منذ القديم,وقام العقلاء من بينهم بإدارتهم سواء أكانوا أشخاصاً جيدين أم رديئين, وقد توافقت سيادتنا العالمية مع امتلاكنا للكادر السياسي الجيد.

الشروط الآتية مهمة لكل سياسي ولكل إداري:

نصرة الحق وسيادة القانون والإحساس الوظيفي وفهم المسؤولية في الأمور الصعبة والثقيلة والمهارة في الأمور الدقيقة والمرهفة.
الحكومة تعني العدالة والاستقرار والأمن,فإن لم تكن هذه الأمور متوفرة في مكان ما فمن الصعب الحديث عن وجود حكومة هناك,فإذا قمنا بتشبيه الحكومة بمطحنة فإن الدقيق الذي تنتجه هو النظام والأمن والاستقرار,والمطحنة التي لا تنتج هذا ليست إلاّ آلة ضوضاء جوفاء لا تطحن سوى الهواء.
قبل أن تقول الحكومة عن أمتها "ها هي أمتي" فمن الأفضل والأهم أن تبادر الأمة قبلها وتقول عنها "ها هي حكومتي"، لأن هذا هو المطلوب,وبعكس ذلك فإن الأمة ترى في حكومتها قوة ظلم مسلطة على رأسها، أي أن بنية الأمة تكون قد انفصلت تماماً عن رأسها.
لكي ينمو إحساس الشعور بتوقير الدولة والحكومة واحترامها لا حاجة لقيام الموظفين باستعمال القوة لتحقيق ذلك, فالتصرف الوقور والجدي لأركان الدولة وإخلاصهم في عملهم يكفي لذلك,فلم يستمر حكم أحد ويرسخ بظلم الموظفين، أو بخداع الجماهير واستغفالها.
إذا كان الموظفون الذين يديرون دولة فاضلة يتم انتخابهم حسب أصالة نفوسهم وأصالة أفكارهم وأصالة مشاعرهم فإن تلك الدولة دولة قوية وعلى أساس متين, أما الحكومة النكدة الحظ فهي الحكومة التي يفتقر موظفوها إلى مثل هذه الخصال الحميدة ولن يكون عمرها طويلاً,لأن تصرف هؤلاء الموظفين المفتقرين إلى السجايا الحميدة سينعكس عليها ويكون لطخة سوداء على جبينها وتفقد مصداقيتها عند جماهير شعبها.
ضمن إطار القانون على الموظفين أن يكونوا ليني الجانب عند تعاملهم مع الناس, وهكذا يقومون بالحفاظ على منـزلتهم وعلى منـزلة القانون والدولة أيضاً,فالقسوة الزائدة عن حدها في التعامل تولد انفجارات غير متوقعة,كما يجب ألاّ يغرب عن البال بأن اللين الزائد عن حده يؤدي إلى نتائج سلبية عند العديد من غير الناضجين.
يجب أن يكون القانون نافذاً في كل مكان وفي كل حين وعلى الجميع دون استثناء,وعلى مطبقي القانون أن يكونوا عادلين وغير هيابين من أحد, وهذا شرط ضروري لحفظ هيبتهم لدى الجماهير من جهة، ولكي لا تفقد هذه الجماهير ثقتها في استمرار أمنها من جهة أخرى.
تكون الدولة قوية ومستقرة ومحظوظة بدرجة تمثيلها من قبل أفراد مؤمنين وأذكياء وأقوياء ونشيطين.
يقوم صاحب البستان بتغذية شجيراته وتنميتها، ويحافظ عليها من الآفات ومن الأعشاب الضارة، ثم يجمع محصولها يوم غلتها. كذلك العلاقة بين الحكومة والأمة.
تولد الحكومات المجيدة من الأمم المجيدة. وتولد الأمم المجيدة من الأفراد الممتازين للأجيال المؤمنة التي تملك قابلية علمية عالية، وإمكانيات مالية كبيرة وأفاق نظر واسعة والتي تحاول أن تحافظ على ذاتيتها وأصالتها وهويتها.
يجب إيداع الإدارة في الأمة التي لم يبلغ كل فرد فيها درجة الرشد المطلوبة إلى أمهر أفرادها وأكثرهم علماً ومعرفة وسعة أفق,ولا يمكن تصور وجود كارثة أو نكبة أكبر من إيداع أمر إدارة شؤون الدولة وتسليمها إلى من لا يملكون علماً وعرفاناً ومهارة .
إذا جاء إلى إدارة شؤون الدولة نتيجة سوء الطالع من يفتقر إلى المعرفة والأصالة ومن لا يحسن هذه الإدارة ولا يفهم شيئاً عنها فإنه لا يتورع أبداً عن استغلال قوة الحكومة وقدرتها في سبيل مصالحه وأغراضه الشخصية فيصبح طاغية مستبداً...في مثل هذه البلاد لن ترى سوى سطوة وقهر الظالمين، ولا تسمع سوى أنين المظلومين وآهاتهم. والعاقبة الحتمية لها على الدوام أن تلقى عاقبة "عاد" و"ثمود".
يجب ألاّ تقوم الحكومة بتنظيم أعمال وسلوك وتصرفات الأمة فحسب، بل بتنظيم تفكيرها وفهمها للأمور,وأهم أساس في هذا التنظيم وحدة التفكير ووحدة الشعور، ووحدة التعليم والتربية,فإذا ربي الأفراد المكونون للأمة على ثقافات مختلفة وغذوا بأفكار مختلفة، وأصبحوا متعادين فيما بينهم، فإن من المقدر على مثل هذه الأمة أن تأكل نفسها بنفسها.
بنسبة أهمية وحدة الأمة في الثقافة والتفكير والشعور في قوة الأمة وزيادة قدرتها، يلعب تفسخ الوحدة الدينية والأخلاقية دوراً مهماً في تشتت الأمة وتفرقها.
السياسة موجودة في كل أمر,أما سياسة الذين يهيئون لإيقاظ الأمة وبعثها من جديد فهي إيثار أمور الأمة على كل شيء وتقديمها على كل شيء وعدم التفكير في أي مصلحة شخصية واستفراغ الجهد في مصالح الأمة.

يجب ألاّ يتم البحث عن الإدارة الجيدة والسياسة ذات المستوى الرفيع لدى الذين شاب شعرهم وابيضت لحاهم ولا عند المتبصبصين والمتزلفين للحصول على المناصب والرتب ولا عند أصحاب الشهرة الكاذبة التي وراءها محافل معينة وجهات معينة, بل يجب البحث عنها عند أصحاب النفوس الكبيرة وأصحاب المعاناة الفكرية وعند الذين جعلوا أنفسهم عبيداً للحق وللحقيقة.
إذا كان كل بيت مدرسة تعليم وتربية لأفراده، وكانت كل مدرسة معسكراً صغيراً يبث الروح العسكرية، وكل معسكر مجلسا يتم فيه بحث شروط بقاء الأمة وأمنها، وكل مجلس مختبرا اجتماعيا يقوم حسب وظيفته وصلاحيته بفحص وتقييم كل مسألة ترد إليه في ضوء فكر الأمة وروحها... مثل هذه الأمة تملك أفضل كادر سياسي وإداري.
وجود أفكار مختلفة وآراء مختلفة من صفات الناضجين، ولكن هذا لا يعني تقسيم الأمة الى معسكرات فكرية متناحرة، إذ لا يمكن لأحد أن يتسامح في هذا الأمر، ولا يحق له هذا... ذلك لأن السماح بتفرق وتشتت الأمة إنما هو سماح بانقراض الأمة وانهدامها,مهما كنت مرناً مع المخالفين لك في الفكر والشعور ومتسامحاً معهم وحسن النية بهم، فمن الضروري ألا يغرب عن بالك احتمال صدور الأذى منهم نحوك,ولكن إن كان الأمر متعلقاً بالسيطرة على المواقع الحيوية للمجتمع وللأمة وشرايين حياتها فيجب ألا تعطي لهم مثل هذه الفرصة أبداً,ذلك لأن الإنسان قد يغض الطرف عن تصرفات تورده موارد الخطر، غير أنه لا يحق لأي أحد التصرف بشكل يوقع الدولة أو الأمة في خطر.
قد يكون هناك أشخاص مخلصون ومفيدون لا يفكرون مثل تفكيرك، ويختلفون عنك في نظرتهم للعالم وللحياة، ولكن عليك ألاّ تتعجل بمخاصمة كل تفكير لا يعجبك، ولا تتعجل بفقد أصحاب الفكر.... بل حاول الاستفادة من أفكارهم، وادخل معهم في حوار، وإلاّ فإن قمنا بإبعاد كل شخص لا يفكر مثلنا، تجمع هؤلاء الناقمون تدريجياً وأصبحوا كتلة كبيرة ضدنا وسببوا لنا أضراراً كبيرة.
ومع أن التاريخ لا يذكر لنا أن الناقمين استطاعوا القيام بأي عمل إيجابي، إلا أنه حافل بالدول التي استطاعوا هدمها,على الإنسان أن يعرف كيف يستفيد من كل المعلومات المفيدة لمبدئه أو لنظامه أو لحياته ولا يهمه مصدر هذه المعلومات ومن أي إنسان صدرت، وألا يهمل أبداً الاستفادة من أصحاب التجارب.


الدين مؤسسة حيوية جداً بسبب خاصيته في توحيد الأمة ورص صفوفها، لذا كان على القائمين بأمور الدولة أن يأخذوا هذا بنظر الاعتبار فيحتموا بظله وبقدرته التي لا تغلب.
لا يوجد هناك أقوى وأكثر فاعلية في تأمين الاستقرار والطمأنينة للدول وللأمم من قوة الدين, إذ أنه بجانب كونه أكبر قوة مؤثرة في الضمائر فإنه أعظم موجه لتصرف الإنسان وسلوكه، لذا كان على القائمين بإدارة الدولة إبقاء الدين حياً في النفوس وفي الضمائر، ويدركوا جيداً أن حياة الأمة مرتبطة عن قرب بالحياة الدينية لها.
إن القيام بترقية الأمة ورفع مستوى الشباب لإدراك مستوى عصرهم، ولكن في إطار من إيماننا وفكرنا، ومكافحة الفقر والبؤس محاربة جادة وعن بصيرة، والمحافظة على ثقة الجماهير مرتبط باستعمال المعرفة والعلم في الصناعة والتجارة.
هناك ثلاثة عناصر تحيا بها الأمة: الدين والحكمة والسلاح... ونستطيع أن نفسر الحكمة بأنها إدراك لعلم الحقيقة ثم تطبيقه في الحياة الواقعية.
الدنيا محطة تجارب, وكل شيء يأخذ مكانه حسب المعنى الذي يأخذه بعد مروره عدة تجارب, وأنا أرى أنه بجانب الاهتمام بالأمور المجربة، علينا ألا نقصر في إجراء تجارب جديدة وتقييمات جديدة للأشياء لكي يتم صيانة خصوبة العلم وغناه.
يجب أن تكون الشفقة والدقة هي الصفة الأساسية في خلق الولاة، والنظام والنظافة والأمن في السوق لدى رؤساء البلدية ، و حب الحق وعدم الانحياز والشجاعة الأدبية لدى الحكام.
وجود المنافسة بين الدول والأمم شيء طبيعي,لذا فإن السياسة فيما بينها تجري إما على محور الصداقة أو على محور المنافع,وكلتا السياستين لا بأس بهما إن لم تؤديا إلى ضرر أو إلى ضِرار. على أنه من الضروري لنا عدم الوقوع في مصايد الآخرين وعدم استغفالنا من قبلهم، لذا يجب الانتباه واليقظة على الدوام.
الذين يعتقدون أن السياسة عبارة عن حزب ودعاية وانتخابات وصراع للوصول إلى الحكم مخطئون, لأن السياسة عبارة عن صورة واسعة لفن إدارة الجماهير وإرضائها بحيث تتماشى مع رضا الحق تعالى وتنظر للحاضر وللمستقبل في آن واحد.

الماضي مدرسة مليئة بالأمثال وبالعبر المأخوذة من الحياة, والذين يستطيعون معرفة كيفية الاستفادة من ثمرات هذه المدرسة وتقييمها تقييما جيدا يستطيعون حكم المستقبل بكل نجاح. ذلك لأن اليوم يشبه الأمس، والأمس يشبه أمس الامس... الألوان هي المتغيرة فقط.
حكم القوة مؤقت وزائل. أما حكم الحق والعدل فباقٍ. وإذا لم يتحقق هذا الآن فالحق آتٍ عن قريب دون ريب, لذا فأفضل سياسة هي أن تكون بجانب الحق والعدل.
من المقاييس والموازين عندنا أن القول "إنني لا أتدخل في السياسة، ولا تتدخل أنت في السياسة" يعني "إنني لا أتدخل في شؤون الوطن والأمة ولا أتدخل في حياة وبقاء الأمة، ولا تتدخل أنت كذلك".

نظراً لأن الكثير من الناس في أيامنا الحالية يرى أن اللعب السياسية اليومية ليست سوى استغفال للناس وخداع لهم وصراع من أجل المنافع والمصالح وتصوير كل الأمور غير المشروعة وكأنها أمور مشروعة، لذا نرى أن الذين يريدون الاحتفاظ بحياتهم القلبية والوجدانية والفكرية سليمة، والاحتفاظ بعلاقتهم وارتباطهم مع الحق تعالى قوية يفضلون الابتعاد عن كل حركة سياسية ويرون هذا أمراً ضرورياً... ولكن هيهات! إذ أين السياسة المتعلقة بالحق وبالعدل والمرتبطة معها ارتباطاً لا ينفصم عن السياسة الغارقة في مستنقع الكذب والخداع.

محمد فتح الله كولن

الجمعة، 27 أغسطس 2010

غزة....أكاذيب تكشفها حقائق ج3



مصر تفتح معبر رفح، وتمر عبره أطنان المعونات ويتم إدخال العالقين، ويسمح بدخول بعض الوقود، وسيارات الإسعاف.




** الحقيقة **

الحقيقة أن معبر رفح مغلق أساسا ويفتح استثنائيا لبضع أيام كل شهر، لأشياء دون أشياء أخرى. وهذه الأكذوبة تنطوى على جزء من الحقيقة، وتجزئة الحقيقة كذب. فالمقصود بمطالبة الجماهير والمعارضة المصرية هو فتح معبر رفح بصورة اعتيادية، بنفس قواعد فتح المعابر مع ليبيا والسودان وإسرائيل!!


الحقيقة أن معبر رفح مغلق أمام أى نوع من السلع التجارية، وحتى المعونات الإنسانية عدا بعض الأدوية والمعدات الطبية، أما عبور الوفود فهو بحسب المزاج السياسى للسلطات المصرية وليس وفقا لقواعد قانونية. وقد يسمح بمرور بعض الفلسطينيين ثم يتم اعتقالهم فى مصر!!


وهذا القرار ليس بناء على السلطة السيادية للحكومة المصرية بل بناء على اتفاقات صريحة مع إسرائيل والولايات المتحدة. فقد تم الاتفاق على مرور بعض الأدوية والمعدات الطبية (وليس كلها) سواء أكان مصدرها مصر أو بلد آخر.. أما البضائع فهى ممنوعة بتاتا، والمقصود كافة السلع الغذائية والمدنية والتى ليس لها أى استخدامات عسكرية، كالبطاطين ومواد البناء وسيارات الركوب والكتب والمواد الدراسية والملابس والأجهزة الكهربائية والوقود،.. الخ. وغزة لا تطلب الحصول على هذه السلع والبضائع فى صورة معونات، بل بشكل تجاري، لمواجهة الشح الإسرائيلى وطوال الأعوام الماضية لم تختنق غزة تماما بسبب حركة الأنفاق القائمة أساسا على إدخال هذه المواد الإنسانية البريئة. وتتراوح قيمتها سنويا بين 500 مليون إلى مليار دولار. وهو ما يمثل أكثر من 60 % من احتياجات غزة، وبإقامة الجدار الفولاذى فإن اعتماد غزة فى مقومات الحياة على إسرائيل سيصل إلى 100% وهذا ما يجعل غزة تحت رحمة العدو رغم أنه انسحب منها!


وحتى المعونات من غير الأدوية فإنها تدخل عن طريق إسرائيل أى بموافقتها من خلال معبري: كرم أبو سالم والعوجة. وهذا سبب فساد كثير من البضائع الغذائية على أرض مصر لأن إسرائيل لا توافق على إدخال هذه المواد إلا بحسابات دقيقة. ولا يوجد ما يجبر النظام المصرى على ذلك وفقا للقانون الدولى الذى يؤكد على ضرورة عدم حصار المدنيين.


ولكن النظام المصرى يلتزم بتعهدات غير شرعية مع إسرائيل وأمريكا فى هذا الصدد، حتى يظل القطاع ومقاومته تحت السيف المسلط الصهيوني.


وهكذا فإن ما تمرره السلطات المصرية عبر معبر رفح هو جزء يسير جدا من ما يسمح به القانون الدولى، وفى المجال الطبى وحده، وحتى هذا لا يتم بصورة آلية ولكن عبر قرارات سياسية فى كل حالة على حدة! فسلطتنا المصرية تستخدم نفس أسلوب القطارة الإسرائيلي: أى نقطة نقطة!


وتتحجج السلطة المصرية بالحديث عن اتفاقية معبر رفح الذى حدد هذه الآلية: أى أن يكون معبر رفح للأفراد، ومعبر كرم أبو سالم (الإسرائيلى) للبضائع وهذه الاتفاقية كانت فى نوفمبر 2005 لمدة سنة لم تتجدد وتعتبر ساقطة ولا وجود لها الآن. ولم تكن مصر طرفا فيها أصلا!! بل كانت بين سلطة عباس وإسرائيل والإتحاد الأوروبي. ومع ذلك كما ذكرنا فى (الأكذوبة الثانية) فإن معبر رفح كان مغلقا آخر خمسة شهور حتى فى ظل سلطة عباس!

إذن نحن لسنا أمام اتفاقية معبر رفح التى لا وجود قانونى أو فعلى لها، وإنما أمام تعهدات مصرية لإسرائيل وأمريكا.

وتقول السلطة المصرية وإعلامها إنها تريد أن تضع إسرائيل أمام مسئوليتها كدولة احتلال!! وهذا كلام لم نسمع به فى الأولين والآخرين. فمنذ متى تلتزم إسرائيل بالقانون الدولي؟! وإذا لم تلتزم إسرائيل بمسئوليتها هل نترك أهلنا يموتون من الجوع والعطش وقلة الكهرباء. وهم على بعد مرمى حجر منا؟!


ومرة أخرى وأخرى وأخرى.. إسرائيل انسحبت من القطاع عام 2005 وبالتالى لسنا إزاء حالة احتلال تقليدية، ولا يوجد إسرائيلى واحد بيننا وبين غزة، ومصر تقوم بدور الوكالة عن المحتل بدلا من انتشال غزة من الحصار على الأقل بالنسبة للسلع المدنية!! وأتحدى جهابذة النظام المصرى أن يضربوا مثلا واحدا من التاريخ على احتلال بدون قوات عسكرية داخل الأرض المحتلة!!


وإذا كانت إسرائيل قد ابتدعت الحصار كبديل للاحتلال المباشر، فمن العار أن تشارك مصر فى إحكام الحصار من الجنوب!


خلال احتجاجنا أمام وزارة الخارجية المصرية على منع شحنة أدوية (لاحظ أنها أدوية وهذا قيل أن حكومتنا تسمح به بدون عقبات!) قادمة من اسكوتلندا، حدث هذا الحوار مع السفيرة وفاء مساعدة وزير الخارجية المصرى:


- قلت: ما الذى يضير مصر أن تدخل هذه الشاحنة الصغيرة التى تحمل أدوية عبر معبر رفح؟


- السفيرة وفاء: الشحنة أتت بدون تنسيق مع الهلال الأحمر المصرى وهو الأسلوب الوحيد لإدخالها.


- قلت: الشحنة صغيرة ويمكن التفاهم الآن مع الهلال الأحمر المصرى.


- السفيرة وفاء: أرسلنا طلبا للسفارة البريطانية كى تطلب من وزارة الخارجية البريطانية كى تطلب من إسرائيل الموافقة على إدخال الشحنة!!


- قلت: لماذا نحتاج موافقة إسرائيل؟


- السفيرة وفاء: نريد أن نضع إسرائيل أمام مسئوليتها كدولة احتلال.


- قلت: ومتى كانت إسرائيل دولة مسئولة؟ وإذا كانت إسرائيل ظالمة فهل نشاركها فى هذا الظلم.


- السفيرة وفاء: هناك اتفاق المعابر 2005 الذى يحدد أن معبر رفح للأفراد فحسب.


- قلت: الاتفاق لاغ ولم يجدد، ومصر لم توقع عليه ولم تكن طرفا فيه.


- السفيرة وفاء: نعم هذا صحيح، ولكن المعبر غير معد لاستقبال شاحنات فهو معبر للأفراد.


- قلت: ولكن هذا أمر فنى، ويمكن للبلدوزر أن يسوى الأرض بشكل معين خلال 24 ساعة.


- قالت: هل تعلم أن سلطة رام الله هى التى تدفع ثمن الكهرباء والوقود المتجه لغزة وأن الدفع يتم لإسرائيل!

- قلت: هذه ليست المشكلة فحماس قادرة على دفع الفاتورة، كما أن الرئيس الجزائرى بوتفليقة أعلن مؤخرا أنه مستعد على مد غزة بكل احتياجاتها من الوقود مجانا، ويحتاج إلى ممر من مصر!!


هذا الحوار دار قبل اندلاع حرب 2008/2009 وهكذا كانت الأدوية والمعدات الطبية نفسها تحتاج لموافقة إسرائيل. وأن التساهل بعد ذلك تم بسبب الفظائع التى جرت فى الحرب، وأيضا بموافقة إسرائيل وأمريكا.

إذن مصر باعت سيادتها لأمريكا وإسرائيل فى موضوع معبر رفح وضيعت على السوق المصرى تجارة من غير الممكن تعويضها فى سوق آخر حجمها بين نصف مليار إلى مليار دولار سنويا، لصالح الاقتصاد الإسرائيلى، وكأننا نمول إسرائيل بهذا المبلغ. ومصر تغل يدها عن تصدير الغاز والوقود لغزة، وتصدره لإسرائيل بواقع 25 مليار متر مكعب لمدة 20 عاما بسعر يتراوح بين دولار و3 دولارات، بينما السعر العالمى من 10: 12 دولار. وتحقق إسرائيل مكسبا من ذلك بـ 5 مليارات دولار.


إننا بالمعايير الوطنية المصرية - بإغلاق معبر رفح تجاريا - نخسر لحساب إسرائيل ونفقد سيادتنا على معبرنا، ونعادى أخوتنا العرب المسلمين فى غزة، ونضع رقبتهم تحت المقصلة الصهيونية.






وإلى اللقاء مع الأكذوبة الرابع



عندما تقرأ فى الصحف أن معونات دخلت عن طريق كرم أبو سالم أو العوجة فهذا يعنى أنها مرت على إسرائيل ومع ذلك فحتى العبور من معبر رفح يحتاج لموافقة إسرائيلية كما كشفنا فى الحوار السابق مع السفيرة وفاء.






مجدى أحمد حسين